Saturday, March 16, 2013

بحث شامل عن الخبرة التربوية

بسم الله الرحمن الرحيم سأقدم الان بحث الخبرة التربوية واليكم التفاصيل
الخبرة التربوية في تدريس مادة ما في مدرسة ما وفي بلد ما لا تقاس بعدد السنوات التي قضاها المعلم في حقل التدريس بل إن هذا المقياس لا يعكس إلا الروتين والجمود والتقوقع الفكري إن الخبرة التربوية تقاس بالتطور الذي يحدثه المعلم خلال سنوات تدريسه والذي يوظفه في تفعيل المادة الدراسية.
وبعيدا عن الخوض في الوسائل التعليمية أو التطور التكنولوجي والثورة المعلوماتية الهائلة التي تجلت في الآونة الأخيرة بظهور (الإنترنت)، أود إلقاء الضوء على بعض الجوانب الحساسة والتي يغفلها كثير من التربويين القائمين على العملية التعليمية التعلمية:
1. إن أية ظروف مهما كانت صعوبتها سواء على الصعيد الشخصي أو الاجتماعي او السياسي أو الاقتصادي لا يمكن أن تقف عائقا أمام التحدي والتصميم من أجل العلم والتعليم، وهي ليست إلا دوافع يجب تسخيرها وتوظيفها أو التحايل عليها واعتبارها حوافز تزيد من الإصرار على التواصل العلمي والتقدم ، والأمثلة على ذلك كثيرة في تاريخنا العربي والإنساني.. مثلاً طه حسين وهيلين كيلر وأديسون الذي طرد من المدرسة وهو صغير...
2. إذا أجمعنا على أن المرشد التربوي له دور يجب تفعيله ليتسنى للطلاب الحديث معه بصراحة ووضوح فلماذا لا يكون هذا المرشد التربوي هو المعلم نفسه؟! إننا بذلك نختصر الطريق على أنفسنا وعلى الطالب، وبهذه الصورة يقترب الطالب من معلمه ومن المادة التعليمية أكثر، وإني أرى أن الفصل بين المعلم والمرشد التربوي فيه كثير من الخطورة على علاقة الطالب بمعلمه ومن ثم المادة التعليمية لأن ذلك يخلق فجوة كبيرة بينهما.
3. إن المسئول الأول والأخير عن الحكم فيما إذا كانت المادة الدراسية معقدة صعبة أم لا هو المعلم نفسه، وهو أيضا المسئول المباشر عن تقبل الطلاب لها من أول يوم دراسي، وعلى ذلك ، فإن هناك بعض الأمور التي يجب أخذها في الحسبان لتلافي مشكلة كره الطالب لها ونفوره منها بل و(التعقد ) منها والتي من شأنها تخفيف وطأة هذا الشعور تجاهها. هذه الأمور يمكن تلخيصها في النقاط التالية:
• التهيئة النفسية للمادة من أول يوم دراسي وإقناع الطلاب بأهميتها، مثلا:
اللغة الإنجليزية لغة جميلة ولها دور حيوي في حياتنا، ونحن أحوج إليها من غيرنا للتعبير من خلالها عما يحدث في أراضينا ( إن تعرضنا لموقف يتطلب منا ذلك ) للرأي العام العالمي، ونحن أقدر الناس علي التعبير بصدق لأن القضية قضيتنا، إن ذلك من شأنه حث الطالب على الشعور بالمسئولية تجاه وطنه لأنه أولا وأخيرا يخدم وطنه وبلده.
• البساطة في التعامل مع الطلاب وعدم إحراجهم، بل وتشجيعهم على الجرأة وإشعارهم بأن أبسط الأسئلة يمكن أن يدل على ذكاء وموهبة، وإن تحرج الطالب من السؤال عن شيء ما أمام زملائه، على المعلم تشجيعه على أن يسأل عما يريده على انفراد، كذلك إقناع الطلاب بأن المعلم معرض للخطأ أحيانا فذلك من طبيعة البشر ولا عيب إن توجه الطالب بأدب لتصحيح ما قد يخطئ به مدرسه, إن الأهم هو أن يتعلم الطالب من أخطائه .
• أن يكون الثواب ( المكافأة) مناسبا للفئة العمرية للطلاب أما ( العقاب) فهو تعبير حاد نوعا ما لأن الذي يعاقب هو الله تعالى وهو يعاقب على الآثام والطالب يخطئ ولكنه لا يأثم لذلك أرى قبل كل شيء وجوب استبدال كلمة (العقاب) بكلمة أخرى أخف وطأة كقولنا ( التعنيف) أو (اللوم ) لأن في هذين المعنيين الكثير الكافي الذي يؤدي غرض إشعار الطالب بالذنب وفي هذا السياق أود أن أسرد لكم هاتين الحادثتين الصغيرتين:
 كانت لي زميلة بولندية لديها بنت وحيدة اسمها (جوانا) في الصف التمهيدي، فوجئت زميلتي ذات يوم بابنتها التي كانت قد أخذت المقص وقصت ذؤابتها بالكامل (غرة شعرها) إلى حد كبير وظاهر ومضحك أدى بالفعل إلى تشويه منظرها، لو حدث ذلك في مجتمعنا لضربت الأم ابنتها على الفور وبعصبية إما بالعصى أو بأي شيء آخر متاح، لكن زميلتي تماسكت نفسها وكتمت غضبها وقالت باستغراب ودهشة : جوانا !! ماذا فعلت يا عزيزتي بشعرك الجميل؟ واأسفاه صار منظرك قبيحا كيف تفعلين ذلك بنفسك؟ انظري إلى المرآة وأخذتها إلى المرآة لترى نفسها فما كان من (جوانا) إلا أن انفجرت باكية وهي تقول لأمها ماذا أفعل الآن يا أمي؟! لقد غلطت كيف أرجع شعري؟ لن أفعل ذلك مرة أخرى!!
في مجتمعنا وبعد أن تضرب الأم ابنتها ربما تبكي البنت لأن أمها ضربتها فقط ولأن أمها تعدت على حريتها الشخصية لأن الشعر شعرها وليس شعر أمها بل ولربما تفكر البنت بإصرارها على تكرار ذلك الموقف والتصميم على العناد لأنها وحدها حرة التصرف في شعرها (شيء ملكها).
من هذه الحادثة الصغيرة يتبن لنا وبشكل واضح أن أسلوب التعنيف كان أثره كبيرا بل أفضل من ضرب الأم لابنتها بدليل أن الفتاة انفجرت باكية معترفة بخطئها ووعدها بعدم تكرار فعلتها وهي تؤنب نفسها على ذلك.
 ساءني جدا سماع قصة روتها لي زميلة تعرفت عليها في مركز القطان للبحث والتطوير التربوي – غزة أثناء الدورة الصيفية لتدريب المعلمين ، فقد أخبرتني أنها عندما كانت في المرحلة الابتدائية، أرادت معلمتها أن تعاقب إحدى الطالبات لسبب ما، فما فعلته كان أن جعلت الطالبة تقف وراء باب الصف عند سلة المهملات وطلبت من الطالبات أن يرموا عليها الورق والأوساخ !! صعقت ولا أزال أحاول استيعاب هذه القصة أو أوضح مبررات لتلك المعلمة ولكن ما أتوصل إليه في كل مرة هو نفس الشيء وهو أن ذلك حدث نتيجة ما يلي:
أ‌- عجز المعلمة عن القيام بدورها كإنسان يعلم إنسانا أولاً وكتربوية عملها التعليم القائم على الاحترام والوعي لمفهوم وقدسية العملية التعليمية.
ب‌- تفريغ المعاناة النفسية الموجودة بداخلها والمتراكمة لأسباب اجتماعية ونفسية مركبة في محيط الحياة الاجتماعية لهذه المعلمة.
جـ- دوافع عدوانية تسلطية تنشأ أحيانا عند بعض الناس الذين توكل إليهم أدوار يشعرون فيها بالقيادة والسلطة. إننا لا نلوم ولا نوبخ ولا نعنف الطالب نفسه إنما نلوم ونوبخ ونعنف العمل اللامقبول الذي يقوم به هذا الطالب.
• توظيف الطلاب المشاغبين الذين مستواهم التحصيلي متدنياً في أمور لها علاقة بالثقة والاعتماد على النفس والقيادة، مثلا أن يجعل المعلم أحدهم عريفا للصف لفترة معينة بعدها يتناوب زملاؤه على العرافة وذلك في محاولة لكسب الطلاب والإفادة من ذكائهم لصالحهم بدلا من هدر طاقاتهم في تصرفات مدمرة للبنيان التربوي ، يجب توظيف قدراتهم في سبيل تحسين أوضاعهم التعليمية وتطوير أنفسهم لأن هؤلاء الطلاب أصلا يبحثون عن طرق تحقيق ذاتهم فلا يجدونها لذلك يلجأون للمشاغبة.
• ربط الدروس بالواقع، وربط الواقع من أحداث ومجريات حياتية معاصرة بالدروس التعليمية، مثلاً: عند تقديم أو تأخير عقارب الساعة طبقاً للنظام الصيفي أو الشتوي أو عند انتشار مرض ما مثل الحمى القلاعية أو التحدث عن القتل الرحيم، يجب على المعلم أن يشرح لطلابه ذلك حسب مستواهم ابتدائي/إعدادي/ثانوي وكل في مجال تخصصه، مثلاً: مدرس الجغرافيا يشرح للطلاب في حصته عن فوائد التوقيت الصيفي أو الشتوي وعلاقتها بطول أو قصر النهار ودورة الشمس أو القمر. ومدرس اللغة الإنجليزية يترجم لهم معنى ذلك قائلاً أن ذلك يعني Day light savings time ويعرض باختصار تاريخ نشأة هذا النظام وأول الحكومات التي اتبعته..وهكذا. معنى ذلك أن يكون المعلم ملماً بالأخبار اليومية وبالأحداث العالمية وألا يكون تجديده مقتصراً على دورات التطوير والتحديث التربوي التي تشرف عليها المؤسسات التربوية فقط، أي أن يسهم بنفسه في تطوير ذاته تلقائياً وبصورة لا توقفية.
• تشجيع المواهب الطلابية والنشاطات اللامنهجية وخلق إحساس لدى الطلاب بأن كلاً منهم مسئول عن مدرسته وعن صفه وعن زملائه.. الشعور بالمسئولية يولد الشعور بالقيادة والتضحية والتعاون والكثير من المفاهيم الأخرى الطيبة.
• يجب ألا ينصب اهتمام المعلم فقط على تعليم المادة التعليمية بنشاطات وطرق وثقافات متنوعة، بل يجب أن يولي اهتماماً خاصاً للجوانب الإجتماعية والصحية والنفسية للطلاب وأن يُفعِّل قنوات الإتصال مع أولياء الأمور حرصاً على مصلحة الطلاب ومن أجل الحصول على تعليم أفضل دائماً.


المدرسة حب وانتماء
أثناء عملي في إحدى المدارس الخاصة المتبعة للنظام الإنجليزي في التعليم في دولة الإمارات العربية المتحدة، وفي طابور الصباح، وقعت عنياي على أحد تلاميذ الصف الخامس الإبتدائي يقف حزيناً، بل ويبدو عليه الإنزعاج والضيق لأبعد الحدود ولم يكن هناك مجال لسؤاله عما به في حينه، ولكن عندما كان موعد حصتي عندهم في صفهم اقتربت منه وابتسمت له وسألته: لماذا كنت اليوم حزيناً يا خالد وأنت تقف في طابور الصباح؟ فتنهد التلميذ وكأنه يعاني من أمر عظيم، ثم استجمع قواه وأنفاسه ورد علي قائلاً: لأن اليوم هو الأربعاء، لم أفهم قصده فأعدت السؤال: وماذا يعني ذلك؟ هل هناك ما يدعو للقلق في هذا اليوم؟ فتضايق التلميذ لأني لم أفهم ما يعنيه وقال بعصبية حادة ، غداً الخميس وبعده الجمعة ونحن لا نأتي إلى المدرسة فيهما لأنهما عطلة نهاية الأسبوع، وأنا أريد أن آتي إلى المدرسة ولا أحب عطلة نهاية الأسبوع هذه.
Digg Google Bookmarks reddit Mixx StumbleUpon Technorati Yahoo! Buzz DesignFloat Delicious BlinkList Furl

No comments:

Post a Comment

Search This Blog